هشام نواش
مع اقتراب انتهاء الولاية الجماعية الحالية، برزت تحولات لافتة في عدد من دورات شهر أكتوبر داخل المجالس المنتخبة. فبدل أن تكون هذه الدورات مناسبة لعرض الحصيلة وتقييم الأداء ومناقشة ما تبقى من ملفات عالقة، تحولت في كثير من الجماعات إلى ساحة للتشنجات، والملاسنات، وتصعيد النبرات بين بعض المستشارين.
المثير للانتباه هو عودة بعض المنتخبين الذين ظلوا في “سبات سياسي” طيلة السنوات الماضية، حيث غابوا عن الميدان، ولم يسجل لهم أي حضور في قضايا الساكنة أو تتبع المشاريع أو الترافع حول حقوق المواطنين. ومع ذلك، ظهروا فجأة في هذه المرحلة الدقيقة، وكأنهم يسابقون الزمن لاستعادة الأضواء والترويج لأنفسهم أمام الناخبين.
هذا الحراك المفاجئ، إلى جانب المشاحنات التي تطبع المداولات، يبعث على الاعتقاد بأن بعض الأطراف تعتبر شهر أكتوبر بمثابة “بداية غير رسمية” لحملة انتخابية سابقة لأوانها، يسعى من خلالها كل طرف إلى التموضع واستمالة الرأي العام المحلي، بدل الانخراط الجدي في ما تبقى من الزمن الانتدابي.
في المقابل، يلاحظ المتتبعون أن الانقسامات داخل بعض الأغلبية المسيرة وتبادل الاتهامات بين مكونات المعارضة والمساندين لها، أفرزت صراعاً شخصياً في كثير من الأحيان، بديلاً عن النقاش المؤسساتي حول قضايا التدبير، والمشاريع المتعثرة، والخدمات الأساسية التي تهم حياة المواطنين.
هذه التحركات المتأخرة والانفعالات داخل القاعات قد تُقرأ كإقرار ضمني بفشل عدد من المنتخبين في أداء أدوارهم خلال السنوات الأربع الماضية، ومحاولة متأخرة لتلميع الصورة قبل فوات الأوان. وبين مستشارين غائبين يعودون في الزمن الانتخابي الحرج، وآخرين يصعّدون الخطاب بحثاً عن تموقع جديد، يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف، يتابع المشهد وهو ينتظر من يمثل صوته بالفعل لا من يتذكره فقط عند اقتراب موعد الاقتراع.
